خطوات حياتها كثيرة منها الطويلة ومنها القصيرة لكنها تمضي للامام ولا تنتهي، تعيشها بكل ما فيها من حب وسعادة وإيمان وحزن وغضب وتعب تعيشها مضطرة واحيانا تعيشها لأنها تريد ذلك واحيانا أخرى تعيشها وفقط ،
منذ فترة طويلة اصبح الصمت عنوانها و الكئابة حروفها والدموع فهرس كتابها، كانت لما كانت الحياة أغنية جميلة تدندن بالحانها بين شفتيها واصبحت خرساء لما ضاقت بها الحياة ولم تعد تحتويها اصبحت تشعر انها إضافة زائدة فوق الاحتمال وتنظر الى البعيد القادم لعلها تقف او تعثر على من ينقذها من غرقها ويمد لها ايادي الحب والتفاهم
ولدت في بيت كبير يحتوي على اسرتين ،الأخ الأكبر له من الاولاد الكثير والأخ الأصغر يكتفي بالقليل مع الرضا بالقضاء والقدر الذي أخذ منه فلذات كبده عدة مرات ، عاشت بين هاذين الأسرتين الجميلتين بين الحب والكره وبين الطفولة والبراءة وخبث الكبار والأنانية ،ولدت بعد ان فقد والداها الأمل في أن يعيش لهما طفل اخر بعد وفاة اكثر من مولود بمجرد الولادة أو شهورا قليلة بعد الولادة ،لا تكاد الأم تفرح بمولود لها حتى يموت ويأتي الأخر ليلتحق بأخيه ، كم هي صبورة هذه الأم كأن الرحمة الإلهية تختبر إيمان وصبر تلك الأمومة الجريحة التي تتخبط في ألامها كاتخبط الطير المذبوح ... عندها أتت هي الى الدنيا ليكتب عليها أن تمسح دموع أمها وتنثر الابتسامة على شفتيها ،لم تكن ولادتها صعبة كذلك تربيتها ،اخذت قسطا كبيرا من الرضاعة حولين كاملين معززة مكرمة، وصفتنها أمها بالهادئة في كل طفولتها، تحب اللعب مع بقية الاطفال وتحلم باحلام البراءة ترضى بالقليل و تكره الغيرة والحسد تحب الجميع الصغير قبل الكبير وتعي جيدا آلام أمها التي كانت تخفيها بين آهاتها ..كان والدها يحب ملاعبتها حين ينتهي من عمله ويعطيها قلمه لترسم خربشات على جدار الغرفة الصغيرة التي جمعتها وإخوتها في حر الصيف وبرد الشتاء، فيأخذه منها والدها ثانية ليضعه في جيب قميصه وتلقفه مرة اخرى مع ضحكات وكلمات غير مفهومة ،ذاك القلم له معزة خاصة وتعابير لا يفهمها الا هي ووالدها.. الى سن السادسة من عمرها تعرضت لمرض عضال نخر في كل عظمها ولحمها وأثر في صحتها كثيرا وكاد أن يهلكها كانت تنظر الى الصبيان يلعبون وتحاول النهوض فتشفق عليها الجدة وتمسكها لتمنعها من القيام ورمي الخطوات العشوائية لكي لا تقع على الأرض وتتأذى .. نشئت علاقة جميلة بينها وبين جدتها وتعلقت بها كثيرا ،وكانت الجدة لا تأكل ولا تشرب الا بعد الأطمئنان عليها ، ترى احيانا كثرة دموع الجدة بصمت كما ترى حزن امها ودموعها لكنها لا تتكلم رغم وعيها بما يؤلم الاخرين .. بعد طول علاج وحيرة من الاهل دخلت على اثرها المستشفى يزورها العم الطيب واحيانا قليلة والدها الذي كانت تمسك يده دون حركة كلما زارها وهي تنظر اليه وعيناها تقولا له خذني لحضن أمي يا أبي.. خذني لذاك الدفئ وتلك الابتسامة الحنونة .. لكنه كان يتهرب منها ويتحجج باشياء كثيرة ثم يختفي ولا يعود لزيارتها لكي لا تطالبه بما لا يستطيع ان يلبي .. يتركها خلفه تبكي وتنادي باعلى صوتها حتى تصيبها حالة هستيرية لا تقفها الا ممرضة تصطحب معها حقنة تهدئها فتنام ، وحين تستفيق تركن في مكانها المعهود على نافذة تطل على منظر جميل بين خضرة الاشجال وزرقة السماء وهواء الجبال وعمق البحر وهيجانه لما تكون الرياح عاصفة.. الى ان جاء ذاك اليوم الجميل الذي علمت فيه أن الحبيبة قادمة لزيارتها ... يومها كانت تنتظر مرور الوقت بصبر قاتل في لحظة لمحت ملائة أمها السوداء تمر أمام ناظرها اخذتها رائحة عطرها المعهودة لديها فنادتها بأعلى صوتها ويتكرر صدى صوتها على مسمع الجميع ويرتفع في اعالي السماء لتلتفت اليها الحبيبة وتبتسم وعيناها تمسك في المقلتين كم من الدموع كالبحار وركضت خلفها كالمجنونة لترتمي في حضنها وهي لا تتمالك نفسها ودمعها .. ضمتها بكل قوة وإلتف من حولها الأطباء والممرضات متعجبين مماتفعل،كانت تقول في نفسها بابتسامة مرفوقة بالدموع .. لمن لا يفهم إنها حبيبتي وأنا قطعة من كبدها، لمن لا يفهم إنها أمي وكفى .. بين الماء والسماء مضت قافلة حياتها تغزل خيوط ايامها باوراق الفصول، تعزف ابتساماتها على اوتار العود الهادئ لتستمع الى خطوات حياتها . . وتمضي الايام طويلة تعبة حزينة تخرج الى الحديقة تجلس بين اشجار الصنوبر وتعانق هواءها العازف موسيقى الشوق الى دفئ الاسرة الصغيرة ..تسيل دموعها فتكفكفها حوريا وتربت على كتفيها لتقول لها انا معك لن اترككِ فعن قريب ستفرحين بعودتك الى الاحبة ،حوريا طبيبة في تربص تنتظر التخرج لتبدأ مشوار حياتها ..كانت تحبها وتحب العبث بشعرها الطويل المسترسل على كتفيها تعانقه رقبتها كلما هب النسيم ليطير مع الهواء ويميل يمنة ويسرى وهي تنظر اليه بابتسامة هادئة ثم تلمسه لتتحقق منه ان كان خيوط من حرير، فتبتسم حوريا بدورها وتأخذها الى مكتبها الصغير لتلاعبها وتلهيها وتحاول تنسيها ما آلم بها من حزن وشوق الى ان يحين وقت نومها فتنام مع كوابيس تستيقض كثيرا منها وهي تصرخ حيث لا يسمعها احد فتنظر الى الجدران لتجد نفسها وحيدة فتبكي بصمت حتى تظهر نسمات الصباح ونسيم الهواء بين الشجر قادمة من امواج البحر ثم تغزل خيوط الشمس الذهبية لتدفئ اضلع الصغيرة وتخبرها ان النور لاح والظلام راح فلا تحزني...
منذ فترة طويلة اصبح الصمت عنوانها و الكئابة حروفها والدموع فهرس كتابها، كانت لما كانت الحياة أغنية جميلة تدندن بالحانها بين شفتيها واصبحت خرساء لما ضاقت بها الحياة ولم تعد تحتويها اصبحت تشعر انها إضافة زائدة فوق الاحتمال وتنظر الى البعيد القادم لعلها تقف او تعثر على من ينقذها من غرقها ويمد لها ايادي الحب والتفاهم
ولدت في بيت كبير يحتوي على اسرتين ،الأخ الأكبر له من الاولاد الكثير والأخ الأصغر يكتفي بالقليل مع الرضا بالقضاء والقدر الذي أخذ منه فلذات كبده عدة مرات ، عاشت بين هاذين الأسرتين الجميلتين بين الحب والكره وبين الطفولة والبراءة وخبث الكبار والأنانية ،ولدت بعد ان فقد والداها الأمل في أن يعيش لهما طفل اخر بعد وفاة اكثر من مولود بمجرد الولادة أو شهورا قليلة بعد الولادة ،لا تكاد الأم تفرح بمولود لها حتى يموت ويأتي الأخر ليلتحق بأخيه ، كم هي صبورة هذه الأم كأن الرحمة الإلهية تختبر إيمان وصبر تلك الأمومة الجريحة التي تتخبط في ألامها كاتخبط الطير المذبوح ... عندها أتت هي الى الدنيا ليكتب عليها أن تمسح دموع أمها وتنثر الابتسامة على شفتيها ،لم تكن ولادتها صعبة كذلك تربيتها ،اخذت قسطا كبيرا من الرضاعة حولين كاملين معززة مكرمة، وصفتنها أمها بالهادئة في كل طفولتها، تحب اللعب مع بقية الاطفال وتحلم باحلام البراءة ترضى بالقليل و تكره الغيرة والحسد تحب الجميع الصغير قبل الكبير وتعي جيدا آلام أمها التي كانت تخفيها بين آهاتها ..كان والدها يحب ملاعبتها حين ينتهي من عمله ويعطيها قلمه لترسم خربشات على جدار الغرفة الصغيرة التي جمعتها وإخوتها في حر الصيف وبرد الشتاء، فيأخذه منها والدها ثانية ليضعه في جيب قميصه وتلقفه مرة اخرى مع ضحكات وكلمات غير مفهومة ،ذاك القلم له معزة خاصة وتعابير لا يفهمها الا هي ووالدها.. الى سن السادسة من عمرها تعرضت لمرض عضال نخر في كل عظمها ولحمها وأثر في صحتها كثيرا وكاد أن يهلكها كانت تنظر الى الصبيان يلعبون وتحاول النهوض فتشفق عليها الجدة وتمسكها لتمنعها من القيام ورمي الخطوات العشوائية لكي لا تقع على الأرض وتتأذى .. نشئت علاقة جميلة بينها وبين جدتها وتعلقت بها كثيرا ،وكانت الجدة لا تأكل ولا تشرب الا بعد الأطمئنان عليها ، ترى احيانا كثرة دموع الجدة بصمت كما ترى حزن امها ودموعها لكنها لا تتكلم رغم وعيها بما يؤلم الاخرين .. بعد طول علاج وحيرة من الاهل دخلت على اثرها المستشفى يزورها العم الطيب واحيانا قليلة والدها الذي كانت تمسك يده دون حركة كلما زارها وهي تنظر اليه وعيناها تقولا له خذني لحضن أمي يا أبي.. خذني لذاك الدفئ وتلك الابتسامة الحنونة .. لكنه كان يتهرب منها ويتحجج باشياء كثيرة ثم يختفي ولا يعود لزيارتها لكي لا تطالبه بما لا يستطيع ان يلبي .. يتركها خلفه تبكي وتنادي باعلى صوتها حتى تصيبها حالة هستيرية لا تقفها الا ممرضة تصطحب معها حقنة تهدئها فتنام ، وحين تستفيق تركن في مكانها المعهود على نافذة تطل على منظر جميل بين خضرة الاشجال وزرقة السماء وهواء الجبال وعمق البحر وهيجانه لما تكون الرياح عاصفة.. الى ان جاء ذاك اليوم الجميل الذي علمت فيه أن الحبيبة قادمة لزيارتها ... يومها كانت تنتظر مرور الوقت بصبر قاتل في لحظة لمحت ملائة أمها السوداء تمر أمام ناظرها اخذتها رائحة عطرها المعهودة لديها فنادتها بأعلى صوتها ويتكرر صدى صوتها على مسمع الجميع ويرتفع في اعالي السماء لتلتفت اليها الحبيبة وتبتسم وعيناها تمسك في المقلتين كم من الدموع كالبحار وركضت خلفها كالمجنونة لترتمي في حضنها وهي لا تتمالك نفسها ودمعها .. ضمتها بكل قوة وإلتف من حولها الأطباء والممرضات متعجبين مماتفعل،كانت تقول في نفسها بابتسامة مرفوقة بالدموع .. لمن لا يفهم إنها حبيبتي وأنا قطعة من كبدها، لمن لا يفهم إنها أمي وكفى .. بين الماء والسماء مضت قافلة حياتها تغزل خيوط ايامها باوراق الفصول، تعزف ابتساماتها على اوتار العود الهادئ لتستمع الى خطوات حياتها . . وتمضي الايام طويلة تعبة حزينة تخرج الى الحديقة تجلس بين اشجار الصنوبر وتعانق هواءها العازف موسيقى الشوق الى دفئ الاسرة الصغيرة ..تسيل دموعها فتكفكفها حوريا وتربت على كتفيها لتقول لها انا معك لن اترككِ فعن قريب ستفرحين بعودتك الى الاحبة ،حوريا طبيبة في تربص تنتظر التخرج لتبدأ مشوار حياتها ..كانت تحبها وتحب العبث بشعرها الطويل المسترسل على كتفيها تعانقه رقبتها كلما هب النسيم ليطير مع الهواء ويميل يمنة ويسرى وهي تنظر اليه بابتسامة هادئة ثم تلمسه لتتحقق منه ان كان خيوط من حرير، فتبتسم حوريا بدورها وتأخذها الى مكتبها الصغير لتلاعبها وتلهيها وتحاول تنسيها ما آلم بها من حزن وشوق الى ان يحين وقت نومها فتنام مع كوابيس تستيقض كثيرا منها وهي تصرخ حيث لا يسمعها احد فتنظر الى الجدران لتجد نفسها وحيدة فتبكي بصمت حتى تظهر نسمات الصباح ونسيم الهواء بين الشجر قادمة من امواج البحر ثم تغزل خيوط الشمس الذهبية لتدفئ اضلع الصغيرة وتخبرها ان النور لاح والظلام راح فلا تحزني...